السبت، 30 أبريل 2022

نهاية الهوية الرقمية

 كعادتنا الإجتماعية الحديثة في تصفح مواقع التواصل الإجماعي لمحت إعلان لمدرب حول كيف تنمية الهوية الرقمية الشخصية، فتبادر السؤال إلى ذهني ماهي الهوية الرقمية للفرد في عالم الانترنت هذا اليوم؟

 

يمكن القول بأن هويتك الرقمية هي محتواك الذي تشاركه على شكبة الانترنت و تاريخ تواجدك و أرشيفك الشخصي الموجود على مواقع التواصل الإجتماعي سواء كان مرئي أم مسموع أم مقروء  و قد تختلف من شخص لاخر حسب التخصص و الإهتمام ، و قد تكون بشكل احترافي أكثر للبعض خصوصاً العاملين في مجالات الإنترنت و المؤثرين في مواقع التواصل -وهذا ليس محور حديثنا-أو قد تكون هوية رقمية لشخص عادي غير محترف في تلك المجالات و تكون بالعادة عبارى عن حسابات شخصية في مواقع التواصل الاجتماعي.

 

السؤال الذي يتبادر الأن في الذهن :هل يمكن أن تمحى هويتك الشخصية؟ الجواب نعم و لا ،قد تتفاجأ بما قرأت ولكن نعم ليس الأمر مستحيلاً فبلحظات يمكن أن تفقد حساباتك الشخصيةو تحذف بشكل نهائي و هذا ما حدث معي بشكل شخصي ،نعم وقت كتابة المقال يكون قد مضى قرابة الشهرين على حذف حساباتي الشخصية في مواقع التواصل الإجتماعي فيسبوك و إنستغرام بشكل نهائي !

 

القصة بإختصار شاركت فيديو هزلي بشكل رسالة خاصة مع أحد الأصدقاء في موقع انستغرام و لم تمضي سوى لحظات و يتم تحذيري بأن هذا الحتوى يخالف المعايير المجتمعية لهم و الأسوء من ذلك تم إغلاق الحساب مع مهلة 24 ساعة لأكتشف بعدها بأن الحساب قد حذف نهائيا و حذف الفيسبوك كوني ربطت الحسابين فيما مضى لأثبت بأني شخص حقيقي - لا يمكنني أن أعبر عن مدى سذاجة هذه الفكرة الأن - و كل حساب مرتبط بهذه الحسابات و لم تفلح محاولاتي في إسترجاع الحسابات و لم يتم أصلاً الرد على مراسلاتي معهم.

 

الطريف في الموضوع بأني وعلى مدة تواجدي في هذه المواقع - الفيسبوك منذ عام 2007 و انستغرام منذ عام 2012 - فلم أحصل على أي تقييد في الحسابات أو تحذير أو حتى إبلاغ عن تعليق مسيءأي أني كما المثل المثل الشعبي كالماشي بجوار الجدار و كان هذا التحذير الأول و الأخير .

 

و لحسن حظي فلم أكن معتمداً على حساباتي في مصدر عيشي أو أكون من المشاهير الذين فقدوا حساباتهم و أصيبوا بالحزن والجنون ، ولكن أسفي على أرشيفي منذ أيام الجامعة بالأنشطة و الفعاليات المصورة التي شاركت بها و المقالات التي كتبتها بل و حتى مشروع تخرجي "مدونة حرية " ظل الأرشيف في حسابي على فيسبوبوك ،و ما بعد التخرج من أنشطة و كتابات أخرى فكانت المئات من الصور و المقالت و مقاطع الفيديو و الأهم من ذلك توثيق لحظات مميزة مررت بها و ثقتها على حساباتي الشخصية .

  

المثير للضحك و الهزل هو بأن الذكاء الاصطناعي لميتا قد اغلق حساباتي في غضون لحظات و لا يرى المئات من حسابات الاره-ابين و المتش-ددين الذين يملئون مواقع التواصل الإجتماعي و ما ينشرون من محتوى ، و الأطرف من ذلك فإني قد أبلغت  مرة عن حساب د1عشي في فيسبوك و كان الحساب واضحا من حيث النشر و الصورة الشخصية ليأتي الجواب بأنه لم يخالف المعايير و الانظمة !! و كيف يكون اكثر وضوحاً من ذلك ليكون مخالفاً !

 

و بالإضافة إلى ذلك هناك نقطة الخصوصية التي صدعوا رؤوسنا بها بأن رسائلك و حساباتك تتمتع بالخصوصية و كل هذا الحديث التسوقي و تكون المحصلة أن تحذف حسابات شخص بناءاً على رسالة شخصية مع طرف أخر و ليس منشوراً عاماً ! ثم كيف يكون العقاب هل بالحذف النهائي و انهاء الوجود الرقمي للشخص منذ أول خطأ يرتكب رغم التواجد الممتد على أكثر من عقد من الزمن ؟ أم هل نضع مصير حساباتنا تحت رحمة الذكاء الاصطناعي و هو من يرى بأن تستمر أو أن تمحى بدون النظر لماضيك السليم !! كثيرة هي التساءلات ولكن ليس لأي منها المقدرة على إعادة هوية الرقمية .

  

بالعودة الى السؤال الذي طرحته في منتصف مقالتي هل يمكن أن تمحى هويتك الرقمية ؟ حسناً بعد أن قرأت أعلاه كيف يكون الجواب بنعم و كيف يكون الحذف أسرع من إرسال رسالة أقول لك بأنه لا يمكن أن تمحى هويتك الرقمية بشكل كامل فتواجدك في مواقع التواصل الاجتماعي لا يقتصر على حساب أو حسابين - إن كنت قد ربطت بين حساباتك كلها فإني أنبهك على ضرورة فكها كي لا تلقى مصيري- فتواجدك في أكثر من منصة يعطيك المرونة و المقدرة على البقاء و إن كانت الخسارة هي تاريخك الرقمي كله ولكن يمكنك المضي قدماً بما هو متوفر معك و البدء من جديد ولكن حاذر التعلق فإنها في النهاية مجرد بيانات يمحوها ذكاء اصطناعي "بمزاجه" .